الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
فتاوى الزكاة
125247 مشاهدة
تعريف الزكاة وبيان مكانتها

تعريف الزكاة
الزكاة لغة: النماء والزيادة. وشرعاً: التعبد لله بدفع حق واجب في مال خاص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص.
مكانة الزكاة في الإسلام
الزكاة من فرائض الإسلام وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي حق المال.
ولما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - منع كثير من العرب الزكاة، وأكثرهم منعها بخلاً، وادعوا أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم منعها جحوداً، فعزم أبو بكر -رضي الله عنه- على القتال، وكأن بعض الصحابة توقفوا عن قتالهم، لكونهم يشهدون الشهادتين، وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي بكر عندما هم بقتالهم: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا لا إله إلا الله، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها . قال أبو بكر رضي الله عنه: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال فكأنه استدل رضي الله عنه بقوله: إلا بحقها أي إلا بحق لا إله إلا الله، ومن حقها الإتيان بمستلزماتها ومكملاتها، ومنها الزكاة، فإنها شعيرة من شعائر الإسلام، وهي كما قال أبو بكر حق المال. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق.
فاتفق الصحابة على قتال مانعي الزكاة وقد استدلوا بأدلة من الكتاب والسنة:
فمن الكتاب:
قول الله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ فأمر الله بقتالهم حتى يتوبوا، أي من الشرك، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة.
ومثلها في نفس السورة قوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ فجعلهم إخوة لهم ولكن بشرط التوبة، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، لذلك اتفقوا على قتالهم.
ومن السنة:
عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ... إلخ ففي هذه الرواية اشترط - صلى الله عليه وسلم - الصلاة والزكاة للقتال، أي يقاتلهم حتى يأتوا بالصلاة والزكاة مع الشهادتين .
وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر فريضة الصلاة، ثم فريضة الزكاة، قال في الزكاة: من أداها طيبة بها نفسه فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها، وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لمحمد وآل محمد منها شيء وكأنه لم يفعل؛ لأنه لم يوجد من يمنعها، فلو منعها أحد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأخذها منه، وأخذ شطر ماله تنكيلاً.